مرحباً , ,
يرجى الإطلاع على الجزء الأول من الموضوع فى هذا الرابط :
الآن , ما معنى الإختيار ؟
فى الحقيقة هذه المسألة هى اصعب ما واجهنى أثناء التفكير والبحث , بل لكى أكون صادقاً مازالت تؤرقنى حتى الآن , نظراً لأنى أتعرض لمفهوم جديد يغاير ما تعودت عليه طوال حياتى , وهو الإختيار بدون سبب مؤثر وبدون علة.
فالإرادة أو الإختيار كما هو منتشر هو الذى يميز لاعب البلياردو عن عصاه , فلاعب البلياردو يحرك يديه التى تمسك بعصا البلياردو نتيجة إرادته وإختياره , أما عصا البلياردو فهى تتحرك وتحرك الكرة عند إصطدامها نتيجة علة وهى حركة يد اللاعب.
والجميع تقريباً يتفق على هذا , فيقول أن اللاعب متصف بالإرادة الحرة , أما العصا فلا تتصف بذلك وهو ما يميز المريد عن الجماد.
ولكن فى نفس الوقت تجد الجميع تقريباً يدعون أن هذا اللاعب قد اختار تحريك العصا بزاوية معينة وبقوة معينة لسبب أو لغرض أو لعلة اياً كان المسمى , وهذا السبب أو الدافع هو الذى جعله يختار هذا الإختيار.
والآن لنسأل أنفسنا سؤال : إذا تكرر نفس الموقف فوضع اللاعب فى نفس الظروف الداخلية والخارجية وتكررت نفس العلة , هل من الممكن أن يختار أن يفعل شيئاً آخر غير الذى فعله فى المرة الأولى ؟
وهنا مكمن الإشكال :
إن كان نعم , فما الفرق إذاً بين اللاعب وعصاه من حيث الفعل ؟؟ العصا تتحرك كلما أثرت عليها قوة وإذا غابت هذه القوة لا تتحرك , وإذا تكرر تواجد نفس القوة فى نفس الظروف ستتحرك نفس الحركة.
واللاعب سيفعل نفس الفعل كلما تكررت نفس العلة وإذا غابت العلة لن يفعل هذا الفعل , فما الفرق ؟
حينها لا يكون هناك أى فرق , ويكون تفريقنا بين اللاعب وعصاه فنخصص الأول بالإرادة والثانى بالجبر هو محض لغو.
ولكن لنفترض أن ليس هناك فرق بالفعل بين اللاعب وعصاه , وأن كلاهما يفعل لعلة إن حدثت العلة فعلا وإن غابت العلة لم يفعلا , ما المترتب على ذلك ؟
يترتب عليه أننا أمام أحد إحتمالين :
1 العلة حادثة.
2 العلة قديمة.
ولنأخذ إحتمال كون العلة قديمة , ماذا يترتب على هذا الإحتمال ؟
يترتب عليه أن الفعل يجب أن يكون قديماً , فما دامت القاعدة هى ( متى وجدت العلة وجد المعلول ) , إذاًَ إذا كانت العلة حادثة كان المعلول حادث , وإذا كانت قديمة كان المعلول قديم , ولكن المعلول يستحيل أن يكون قديم , إذ أنه فعل والفعل حادث , إضافة إلى أننا نرى أفعال تحدث بإستمرار فيجب أن تكون علتها حادثة ايضاً.
إذاً يستحيل كون العلة المؤثرة على الإختيار قديمة , ولم يبق إلا إحتمال كونها حادثة.
ولكن يوجد معضلة أخرى فى كون العلة حادثة , وهى لزوم التسلسل فى القدم الذى أبطلناه فى رسالة سابقة , فمعنى أن العلة حادثة أنها تحتاج إلى سبب لحدوثها , ونرجع فنسأل عن حال السبب فنجده حادث فيحتاج بدوره إلى سبب وهكذا إلى غير نهاية وهو باطل كما استدللنا.
إذا الإحتمال الذى يقول بحدوث العلة باطل ايضاً.
وما دام كلا الإحتمالين باطل , فيبطل القول بالعلة اصلاً , أى أن الفاعل يفعل لا لعلة , وهنا أقصد العلة الأولى أو السبب الأول.
وهناك ايضاً رأي آخر ينص على أن السبب الأول هو محض علة والعالم يفيض عنه كمعلول له , فهنا العلة قديمة والمعلول قديم.
ولكن هذا الرأي باطل من جهتين , الأولى هى لزوم التسلسل فى القدم وهو باطل.
فالإرادة أو الإختيار كما هو منتشر هو الذى يميز لاعب البلياردو عن عصاه , فلاعب البلياردو يحرك يديه التى تمسك بعصا البلياردو نتيجة إرادته وإختياره , أما عصا البلياردو فهى تتحرك وتحرك الكرة عند إصطدامها نتيجة علة وهى حركة يد اللاعب.
والجميع تقريباً يتفق على هذا , فيقول أن اللاعب متصف بالإرادة الحرة , أما العصا فلا تتصف بذلك وهو ما يميز المريد عن الجماد.
ولكن فى نفس الوقت تجد الجميع تقريباً يدعون أن هذا اللاعب قد اختار تحريك العصا بزاوية معينة وبقوة معينة لسبب أو لغرض أو لعلة اياً كان المسمى , وهذا السبب أو الدافع هو الذى جعله يختار هذا الإختيار.
والآن لنسأل أنفسنا سؤال : إذا تكرر نفس الموقف فوضع اللاعب فى نفس الظروف الداخلية والخارجية وتكررت نفس العلة , هل من الممكن أن يختار أن يفعل شيئاً آخر غير الذى فعله فى المرة الأولى ؟
وهنا مكمن الإشكال :
إن كان نعم , فما الفرق إذاً بين اللاعب وعصاه من حيث الفعل ؟؟ العصا تتحرك كلما أثرت عليها قوة وإذا غابت هذه القوة لا تتحرك , وإذا تكرر تواجد نفس القوة فى نفس الظروف ستتحرك نفس الحركة.
واللاعب سيفعل نفس الفعل كلما تكررت نفس العلة وإذا غابت العلة لن يفعل هذا الفعل , فما الفرق ؟
حينها لا يكون هناك أى فرق , ويكون تفريقنا بين اللاعب وعصاه فنخصص الأول بالإرادة والثانى بالجبر هو محض لغو.
ولكن لنفترض أن ليس هناك فرق بالفعل بين اللاعب وعصاه , وأن كلاهما يفعل لعلة إن حدثت العلة فعلا وإن غابت العلة لم يفعلا , ما المترتب على ذلك ؟
يترتب عليه أننا أمام أحد إحتمالين :
1 العلة حادثة.
2 العلة قديمة.
ولنأخذ إحتمال كون العلة قديمة , ماذا يترتب على هذا الإحتمال ؟
يترتب عليه أن الفعل يجب أن يكون قديماً , فما دامت القاعدة هى ( متى وجدت العلة وجد المعلول ) , إذاًَ إذا كانت العلة حادثة كان المعلول حادث , وإذا كانت قديمة كان المعلول قديم , ولكن المعلول يستحيل أن يكون قديم , إذ أنه فعل والفعل حادث , إضافة إلى أننا نرى أفعال تحدث بإستمرار فيجب أن تكون علتها حادثة ايضاً.
إذاً يستحيل كون العلة المؤثرة على الإختيار قديمة , ولم يبق إلا إحتمال كونها حادثة.
ولكن يوجد معضلة أخرى فى كون العلة حادثة , وهى لزوم التسلسل فى القدم الذى أبطلناه فى رسالة سابقة , فمعنى أن العلة حادثة أنها تحتاج إلى سبب لحدوثها , ونرجع فنسأل عن حال السبب فنجده حادث فيحتاج بدوره إلى سبب وهكذا إلى غير نهاية وهو باطل كما استدللنا.
إذا الإحتمال الذى يقول بحدوث العلة باطل ايضاً.
وما دام كلا الإحتمالين باطل , فيبطل القول بالعلة اصلاً , أى أن الفاعل يفعل لا لعلة , وهنا أقصد العلة الأولى أو السبب الأول.
وهناك ايضاً رأي آخر ينص على أن السبب الأول هو محض علة والعالم يفيض عنه كمعلول له , فهنا العلة قديمة والمعلول قديم.
ولكن هذا الرأي باطل من جهتين , الأولى هى لزوم التسلسل فى القدم وهو باطل.
والثانية هى أن العلة القديمة محالة لذاتها , فيستحيل وجود علة قديمة اصلاً , وذلك لأن العلة إن كانت قديمة فمعلولها قديم , وهذا المعلول هو علة لما بعده فيكون معلوله قديم ايضاً , وهذا المعلول الثالث هو علة لما بعده فيكون المعلول الرابع ايضاً قديم , وبالتالى تتكون سلسلة لانهائية من العلل والمعلولات القديمة , ولا يمكن وجود أى علة أو معلول حادث , وهو باطل بالمشاهدة إذ أننا نرى تغيرات حادثة كل لحظة , وحدوثها دليل على أن العلة الأولى ليست قديمة بل حادثة.
فبطل القول بالفيض أو بما يسمى بالإيجاب.
إتضحت إذاً معالم المعضلة التى أمامنا :
يوجد سبب أول لسلسلة الأحداث والتغيرات التى حدثت.
هذا السبب يستحيل أن يكون فاعل لعلة قديمة , للزوم قدم المعلول والمعلول حادث فبطل الإحتمال.
وايضاً يستحيل أن يكون فاعل لعلة حادثة , للزوم التسلسل فى القدم وهو باطل , فبطل الإحتمال.
إذاً هذا السبب يفعل لا لعلة , ولكن هذا ينافى مبدأ السببية الذى هو بديهة عقلية.
ويستحيل القول بالفيض أو الإيجاب إذ أن لازمه عدم الحدوث اصلاً وهو باطل بالمشاهدة.
ولا يمكننا التراجع عن القول بإستحالة التسلسل فى القدم , إذ أنا أثبتنا بطلانه بما ولد اليقين ببطلانه.
كيف نخرج إذاً من هذه المعضلة المؤلمة فكرياً ؟
يتبع , , ,
أشكرك على هذا الموضوع الجميل يا أستاذ درادو،
ردحذفليس عندي شيء لأقوله ، ولكني وقعت على كلام للإمام ابن حزم الأندلسي - وهو موافق لكلامك - فأحببت نقله :
قال في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل :
"وقالوا أيضاً لا يخلو محدث الأجسام الجواهر والأعراض وهي كل ما في العالم إن كان العالم محدثاً من أن يكون إحداثه لأنه أو إحداثه لعلة. فإن كان لأنه فالعالم لم يزل لأن محدثه لم يزل وإذ هو علة خلقه فالعلة لا تفارق المعلول وما لم يفارق من لم يزل فهو أيضاً لم يزل إذ هو مثله بلا شك فالعالم لم يزل. وإن كان أحدثه لعلة فتلك العلة لا تخلو من أحد وجهين إما أن تكون لم تزل وإما أن تكون محدثة فإن كانت لم تزل فمعلولها لم يزل فالعالم لم يزل وإن كانت تلك العلة محدثة لزم في حدوثها ما لزم في حدوث سائر الأشياء من أنه أحدثها لأنه أو لعلة فإن كان لعلة لزم ذلك أيضاً علة العلة وهكذا أبداً وهذا يوجب وجود محدثات لا أوائل لها قالوا وهذا قولنا قالوا وإن كان أحدثها لأنه فهذا يوجب أن العلة لم تزل كما بينا آنفاً."
" قال أبو محمد رضي الله عنه ويقال لمن قال لا يخلو من أن يفعل لأنه أو لعلة هذه قسمة ناقصة وينقص منها القسم الثالث وهو لأنه فعل لا لأنه ولا لعلة أصلاً لكن كما شاء لأن كلا القسمين المذكورين أولاً وهما أنه فعل لأنه أو لعلة قد بطلا بما قدمنا هنالك إذ العلة توجب إما الفعل أو الترك وهو تعالى يفعل ولا يفعل فصح بذلك أنه لا علة لفعله أصلاً ولا لتركه البتة فبطل هذا الشغب والحمد لله رب العالمين. "
وفقك الله
الأستاذ الفاضل عاصم , تحية طيبة.
ردحذفأشكرك جزيل الشكر على هذا النقل , وهو بالفعل ما أقول به فانا أقول بالإرادة الحرة التى تخصص لا لعلة.
ولكن المشكلة فى عدة أمور , اولها هو التعريف , فكيف أعرف الإرادة ؟
تعريف المتكلمين من الأشاعرة للإرادة هو :
تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه.
وطبعاً شرط الإرادة هو الحياة والعلم , فوجب على تعريف الثلاثة , والبرهنة على وجود معانى زائدة على الذات , وإثبات أن الإتصاف بالعلم والإرادة يغاير برامج الروبوت.
ثم مواجهة السؤال : إن كان يمكن أن يحدث شيئاً ( فعل الخلق ) بدون علة , فلماذا خصصتم هذا الحدوث أن يكون فعلاً لذات حية ؟
أى لماذا ترفضون مبدأ الحدوث من غير محدث , ثم تنسبونه لأفعال الله ؟
هذا السؤال الذى ما زلت أبحث عن جواب له.
فبطلان التسلسل يؤكد وجود بداية لكافة الاحداث , وبطلان التأثير يثبت الخلق المباشر لكل شئ , ولكن يبقى هذا السؤال أبحث له عن إجابة شافية.
أشكرك جزيل الشكر على هذا النقل , وتقبل وافر الإحترام والتقدير.
ما رأيك بكلام الغزالي في تهافت الفلاسفة عن الإرادة القديمة وتعلقها بالحوادث ؟
ردحذفهل توافقه أو تخالفه فيها ؟
أليست حلا لهذا الإشكال ؟
وفقك الله
أود أن توضح الفرق بين الفعل والمفعول ، والعلة والمعلول .
ردحذفلماذا قال الفلاسفة والمتكلمون أن العالم معلول ،ولم يقولوا أنه مفعول للإله ؟
كما أعلم ، فالعلة متى وجدت وجد المعلول ، أما الفعل فيسبق المفعول ،
لقد ذكرت في تعليقك (فعل الخلق) فإذا كان العالم إنما يوجد بفعل يسمى الخلق ، فالفعل سابق على المفعول وهو العالم .
- ثبت بالبرهان بطلان التسلسل ، فوجب وجود تغير أول وفاعل (أو سبب) أول .
لدينا قاعدة : لكل حادث محدث ،
والعالم حادث وهو ممكن الوجود .
وممكن الوجود يفتقر إلى علة ترجح وجوده على عدمه ، أو عدمه على وجوده .
في حال عدم العالم ، ما هي العلة التي رجحت عدمه على وجوده ؟
إما أن تكون حادثة أو قديمة ،
في الأزل لا يوجد شيء سوى الله إذا فعلة عدم ما سواه قديمة .
القديم لا يفنى والمعلول لا يتخلف عن العلة ، فإذا كانت العلة قديمة وجب ألا يفارقها معلولها وهو عدم العالم .
ولكن العالم الآن موجود ، إذا لا علة لعدم العالم .
لا علة لعدم العالم ، إذا العالم قديم ، فلدينا حالتان : إما الوجود وإما العدم ، فإذا لم توجد علة للعدم فهو علة للوجود .
ولكن العالم حادث ، إذا فعلته حادثة مسبوقة بعدمها .
وعدم العلة لوجود العالم علة لعدمه .
فنرجع فنقول هل علة عدمه قديمة
.... وهكذا
فيبطل القول بالعلة
وإنما هو اختيار وإرادة من الذات الإلهية .
هل كلامي مفهوم أم أنه مجرد تفاهات لامعنى لها – وهذا ما أعتقده- ؟!
شكرا
الأستاذ الفاضل عاصم , تحية طيبة ,,
ردحذفبالنسبة لرأى الأشاعرة عموماً - والغزالى خصوصاً - حول قدم الإرادة , وقدم التخصيص , فلدى عليه اعتراض.
تصورى للإرادة هو أن الله قد خصص شئ أن يقع فى مكان معين وفى زمان معين وغيرها من الصفات , وهذا التخصيص قديم.
فالإرادة هى تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه.
إن صح تصورى للإرادة , فلدى عليه إعتراض :
وهو أن من ضمن الصفات التى تم تخصيصها زمان الوقوع , وأرى أن هذا التخصيص ينحصر فى صورتين :
1 يتم تخصيص وقوع الممكن فى زمان معين.
2 يتم تخصيص وقوع الممكن فى زمان مقدر.
معنى الإحتمال الأول , أن الله قد خصص ولادتى فى عام 1989 , أى أن كل لحظة فى الزمان تأخذ رقماً مثلاً , فيخصص الممكن الأول فى الزمان رقم 1 , والممكن الثانى فى الزمان رقم 2 وهكذا.
ولكن هذا الإحتمال مستحيل , إذ أنه يلزم منه وجود زمان قديم أو مجموعة لا متناهية من الأزمنة , بحيث يخصص كل ممكن بالوقوع فى أحد هذه الأزمنة , واللانهاية مستحيلة , وبالتالى بطل الإحتمال.
ومعنى الإحتمال الثانى , أن الله قد خصص ولادتى بعد 26 سنة من حرب أكتوبر , فيقوم بتقدير زمن وقوع كل حدث بالنسبة إلى حدث آخر.
ولكن , أول حدث كيف خصصه ؟ إن كان تعييناً ( الإحتمال الأول ) فهو باطل , وإن كان تقديراً , فإلى أى حدث قدره ؟ هل حادث قبله ؟ هذا محال إذ أنه أول حادث , هل حادث بعده ؟ لزم الدوران , فيقوم بتخصيص ولادتى بعد 26 سنة من حرب أكتوبر , وتخصيص حرب أكتوبر بالحدوث قبل 26 سنة من ولادتى , وهو محال.
وبما أن التخصيص القديم لا يخرج عن هذين الإحتمالين , فبطل القول بقدم التخصيص.
** فلكى أسلم بالإرادة القديمة كما هو مذهب الأشاعرة , فيجب إما تعديل تصورى للإرادة إن كان خاطئاً , أو إضافة إحتمال ثالث للتخصيص الزمانى للأحداث.
أما إن صح تصورى للإرادة , وصحت قسمتى , فبطل القول بتعلق الإرادة القديم أو التخصيص القديم.
أعتذر إن كانت صياغتى سيئة , وإن لم يكن شيئاً واضح , ففضلاً ابلغنى حتى أوضح ما أعنى.
لك جزيل الشكر على الإهتمام والنصح , ولك منى فائق الإحترام والتقدير.
قارئ:
حذفأرى أن قولك ( وهو أن من ضمن الصفات التى تم تخصيصها زمان الوقوع , وأرى أن هذا التخصيص ينحصر فى صورتين :
1 يتم تخصيص وقوع الممكن فى زمان معين.
2 يتم تخصيص وقوع الممكن فى زمان مقدر.)
أرى أنه لا فرق بينهما، إذ كل منهما باعتبار حادث معين؛ فالأول باعتبار ولادة المسيح -عليه السلام- والثاني باعتبار الحرب المذكور. ولا يصح بناء الاعتراض على هذا التقسيم- حسب ما أرى-.
وهاك كلمة قد تشفي غليلك إن أقنعتك : عدم إدراكنا لشيء متعلق بالله - جل جلاله - لا يوجب عدمه ( لا يعني عدم وجوده ) لأن آلة الإدراك عندنا هو العقل، ولا يمكنه إدراك كل شيء بالنظر المجرد بل يحتاج في بعض الأشياء إلى الهداية الإلهية ليستنير بها، ولا يجدها في كل ما ينظر فيه، وعندئذ يقف حائرا ولا يرشده إلا قوله تعالى " .... وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"......
فلا تؤاخذوني بقصر الباع وسوء التعبير، وشكر الله لكم
الأستاذ الفاضل ( غير معرف ) , تحية طيبة ,,
ردحذفاقتباس :
---------------------------------
أود أن توضح الفرق بين الفعل والمفعول ، والعلة والمعلول .
لماذا قال الفلاسفة والمتكلمون أن العالم معلول ،ولم يقولوا أنه مفعول للإله ؟
كما أعلم ، فالعلة متى وجدت وجد المعلول ، أما الفعل فيسبق المفعول ،
لقد ذكرت في تعليقك (فعل الخلق) فإذا كان العالم إنما يوجد بفعل يسمى الخلق ، فالفعل سابق على المفعول وهو العالم .
--------------------------------
بداية , أحب أن أوضح أنى لست ملم بالفلسفة وعلم الكلام , بل أحاول الدراسة ما أمكننى , وبالتالى لا أستطيع وضع فرق دقيق بين العلة والفعل ( إن كان هناك فرق ).
فالفلاسفة الإلهيين مثلاً يقولون أن الله فاعل بالطبع , فهم قد سموا الله بـ ( الفاعل ) , وفى نفس الوقت يقولون أن الله ( علة ) للعالم , فهنا أظن أن المعنى واحد ولا فرق.
ولكن عند النظر إلى هذا الرابط :
http://www.balagh.com/mosoa/falsafh/z11coc04.htm
نجد أن الفاعل يطلق على الفاعل بالإختيار والفاعل بالطبع ( العلة ) وغيرها من الأقسام.
فأعتذر إن لم أفيدك فى هذا الشأن.
-------
اقتباس :
-----------------------------------
ثبت بالبرهان بطلان التسلسل ، فوجب وجود تغير أول وفاعل (أو سبب) أول .
لدينا قاعدة : لكل حادث محدث ،
والعالم حادث وهو ممكن الوجود .
وممكن الوجود يفتقر إلى علة ترجح وجوده على عدمه ، أو عدمه على وجوده .
-----------------------------------
بالنسبة لبرهان الإمكان , وهى بما أن العالم ممكن , فيلزم علة ترجح إحدى الكفتين ( العدم أو الوجود ) على الأخرى , وبما أنه موجود فيلزم منه وجود علة رجحته.
هذا البرهان ناقشته مع أكثر من طالب علم , وإن كان المقصود منه كما كتبت , فهو لا يصلح برهان , فإن قلنا أن العدم والوجود متساويان ويلزم علة لترجيح أحدهما على الآخر , فيلزم وجود علة للعدم السابق لوجود العالم , ونرجع فنقول هو ممكن فيجب وجود علة سابقة فيكون العالم موجود قبل عدمه , وتتسلسل العلل والحالات وهو باطل.
أما إن كان المقصود امراً آخر , وهو إستخدام قاعدة ( ما ثبت قدمه إمتنع عدمه ) مع مقدمة ( العالم ممكن ) , فتكون النتيجة هى إستحالة قدم العالم لأن القديم مستحيل العدم وبالتالى ليس ممكن.
فهذا البرهان صحيح شرط البرهنة على إمكان العالم.
--------------
اقتباس :
-------------------------------
في حال عدم العالم ، ما هي العلة التي رجحت عدمه على وجوده ؟
إما أن تكون حادثة أو قديمة ،
في الأزل لا يوجد شيء سوى الله إذا فعلة عدم ما سواه قديمة .
القديم لا يفنى والمعلول لا يتخلف عن العلة ، فإذا كانت العلة قديمة وجب ألا يفارقها معلولها وهو عدم العالم .
ولكن العالم الآن موجود ، إذا لا علة لعدم العالم .
لا علة لعدم العالم ، إذا العالم قديم ، فلدينا حالتان : إما الوجود وإما العدم ، فإذا لم توجد علة للعدم فهو علة للوجود .
ولكن العالم حادث ، إذا فعلته حادثة مسبوقة بعدمها .
وعدم العلة لوجود العالم علة لعدمه .
فنرجع فنقول هل علة عدمه قديمة
.... وهكذا
فيبطل القول بالعلة
وإنما هو اختيار وإرادة من الذات الإلهية .
هل كلامي مفهوم أم أنه مجرد تفاهات لامعنى لها – وهذا ما أعتقده- ؟!
--------------------------------
بداية , ارى أن السؤال(في حال عدم العالم ، ما هي العلة التي رجحت عدمه على وجوده ؟) لا يصح , إذ أن العلة الوجودية يكون معلولها وجودى وهذا أولاً.
ثانياً , القول بأن العدم لابد له من علة , يعنى حدوث العدم ( وهو غير معقول ) إذافة غن قلنا أن العدم حادث فيسبقه الوجود , وهو محال ثالث.
وأذكر أن الفخر الرازى قد قال ( علة العدم هو عدم العلة ).
وبالفعل يستحيل أن يكون الله فاعل بالطبع ( أو علة والعالم معلول ) , بل هو فاعل بالإختيار , وإختياره حادث ليس قديم.
وهو يريد لا لعلة , إذ لو كان يريد لعلة إما أن تكون قديمة فيكون معلولها قديم وهو باطل , وإما أن تكون حادثة فتتسلسل العلل.
وأذكر أن الإمام الغزالى فى الإقتصاد قد قال جواباً على سؤال ( ما علة إختياره ) أن السؤال فاسد إذ أن معنى الإرادة أصلاً هو التخصيص.
ولا يخلو قوله من نظر.
أعتذر بشدة عن ثقل كلامى , وعدم وضوحه شئ ما , ولكن أنا فى خدمتك وأى أمر تراه غامضاً فضلاً وضحه لى.
لك احترامى وتقديرى
السلام عليكم
ردحذفاقتباس: "واللاعب سيفعل نفس الفعل كلما تكررت نفس العلة وإذا غابت العلة لن يفعل هذا الفعل , فما الفرق ؟"
الجواب:
جزمك يا أخي الفاضل بتكرار الفعل لدى اللاعب عند حضور نفس العلة، غير مسلّم، لأنها إذا كانت علة في المرة الأولى، ليس ذاك بضامن أن تظل علة في جميع المرات، فالعلاقة التي بين العلة والمعلول (التي هي الملازمة) هي علاقة لا تحكم على علة معينة لمعلول ما، في مرة ما، أن تظل كذلك دائما. نعم يقال إن العلة يلزم منها معلولها، لكن يقال هذا في جنس العلة وجنس المعلول، لكن الأمر يختلف إذا كان الكلام عن علة معينة مع معلول لها معين.
وسبب ذلك هو الاختيار نفسه، حيث ليست له علة واحدة أصلا، أي في لحظة الاختيار نفسها، بل تجتمع في آن واحد عدة محفزات للميل إلى أحد الاختيارات المحتملة، لكن بعضها أوضح من بعض لدى الشخص لحظة اختياره. والله تعالى أعلم.
أرجو أن تكونو في صحة جيدة لأحظى بنقد ورد على هذا الجواب. وفي الحقيقة لقد استفدت من صفحتكم لأني كنت في بحث عن كلام في العلة الأولى كما وضعها أرسطو... وسأقرأ لكم باقي المواضيع.
أزال المؤلف هذا التعليق.
حذفالسلام عليكم مرة ثانية
ردحذفعفوا أريد مناقشتكم في نقطة أخرى:
اقتباس: "ونرجع فنقول هو ممكن فيجب وجود علة سابقة فيكون العالم موجود قبل عدمه".
لا أسلم لك بـ "لزوم وجود العالم لأجل تصحيح القول بعلةٍ لعدمه"، بل يصلح أن يكون العدم علة من غير سبق وجود، وذلك بأن تكون هذه العلة هي "عدم العلة"، وبهذا تكون العلة هنا عدمية لا وجودية، مثل قولنا: عدم العمل، رغم كونه ممكنا، علته هي عدم آخر، وهو عدم العلم، فكان العدم الثاني (الخاص بالعلم) علة للعدم الأول (الخاص بالعمل). هذا مثال تناولنا فيه عدما كان علة لعدم آخر. فنعود للعالم، ونقول: كان العالم ممكنا حين لم تكن هناك صورته، وكانت مادته، على حد تعبير أرسطو، فلا يمكن القول إنه موجود، ولا إنه معدوم، ولكن في حالة الإمكان، وكان ممكنا له أن يعدم تماما، أي لا مادة ولا صورة، ولكن شاء له الله تعالى أن يوجد فكان، أي صورة، بعد وجوده مادة فقط. فإن صح هذا، فمعناه أنه لو كان مصيره العدم، لكان ذلك لعلة العدم، التي هي عدم مشيئة الله تعالى، فتكون العبارة هي: "عدم العالم لعلة عدم المشيئة"، فكذلك تكون علة عدم العالم هي عدم مشيئة، أو بالتعميم: عدم أول، علته هي عدم ثان. والله تعالى أعلم.
أزال المؤلف هذا التعليق.
حذفعفوا قمت بالتعليق قبل أن أقرأ كلامك :
ردحذفاقتباس: "وأذكر أن الفخر الرازى قد قال (علة العدم هو عدم العلة)".
لكن لا أفهم هل تتبنى قول الفخر أم لا، ويبدو أنك لا، لأنك تقول:
اقتباس: "ثانياً , القول بأن العدم لابد له من علة , يعنى حدوث العدم (وهو غير معقول) إضافة إن قلنا أن العدم حادث فيسبقه الوجود , وهو محال ثالث".
الجواب: حدوث العدم ليس أمرا مستحيلا، أي حين نتكلم عن عدم شيء ما، ولو أن يكون هذا الشيء هو العالم، فالعدم المطلق لا يتعلق بشيء مهما كان هذا الشيء، لكن عندما نتكلم عن عدم شيء ما، فالكلام عن عدم معين خاص بذلك الشيء، لا العدم المطلق. لذلك -شخصيا- أسمي العدم المعين باسم العدم النوعي أو الوجودي، أي الذي يتعلق بموجود حال وجوده أو حال عدمه، ولا فرق لأن المهم هو ارتباطه بشيء حُكماً، مهما كان حال هذا الشيء.
والعدم النوعي هذا هو دائما متحقق في الواقع، إما من طريق انعدام أشياء كانت موجودة، أو وجودها بعد عدم سابق. وأما العدم المطلق فلا تحقق له في الخارج بتاتا، ليس له تحقق إلا في الذهن كفكرة أو كمعنى. ولذلك لا يمكننا أصلا أن نتكلم عن تحقق هذا العدم المطلق في الخارج، بل الواقع هو عدمه، وعدمه كان منذ الأزل وسيظل إلى الأبد، لأنه على الأقل هناك شيء موجود منذ الأزل وإلى الأبد، أي ربنا عز وجل.
وهكذا لا يشكل أن نقول بأن عدم شيء ما، كان لعلة ما، وجودية أو عدمية، مثلا عدم العالم: علته حال عدمه عدم مشيئة الرب، (لو قلنا العالم مسبوق بعدم). ولا يلزم من ذلك أن عدم العالم شيء حادث، بل هذا العدم للعالم هو الأصل القديم، والحادث هو وجود العالم.
وباختصار: لا يطلق على العدم المطلق لفظ "الوجود" ولا لفظ "العدم"، وإنما "التحقق" و "غير التحقق". كذلك الأمر في لفظ "الوجود" لا يقال عنه موجود ولا معدوم، ولكن متحقق وغير متحقق. وإنما يطلقان هلى الشيء الممكن، فهو القابل للعدم وللوجود، سواء كان الشيء ماديا أو معنويا.
وينبغي التمييز في الكلام بين الحديث عن عدم معين والعدم المطلق.
أرجو منكم الرد لأستفيد منكم
السيد mohamedxy bamrrakche...الحوار رائع هنا و كم أشتاق لصديقي صاحب المدونة الدورادو...أتمنى أن يكون سبب غيابه الطويل خيرا.
حذفو بعد
لدي تعقيب لقولك هذا :
"وهكذا لا يشكل أن نقول بأن عدم شيء ما، كان لعلة ما، وجودية أو عدمية، مثلا عدم العالم: علته حال عدمه عدم مشيئة الرب، (لو قلنا العالم مسبوق بعدم). ولا يلزم من ذلك أن عدم العالم شيء حادث، بل هذا العدم للعالم هو الأصل القديم، والحادث هو وجود العالم."
ألا توافقني أن هذا يعارض قول المتكلمين بأن مناط الحاجة لعلة هو الحدوث. فلو كان "عدم العالم" معلولا فهذا يعني انه حادث.
تحياتي
تعليق رابع
ردحذفاقتباس:
"وهو يريد لا لعلة , إذ لو كان يريد لعلة إما أن تكون قديمة فيكون معلولها قديم وهو باطل , وإما أن تكون حادثة فتتسلسل العلل"
الجواب:
إرادة الله تعالى معلولة بعلة الحكمة، فلا تخرج إرادة له عن حكمة، والحكمة قديمة، فكانت الإرادة قديمة، لكن هل يلزم من ذلك أن يكون المراد قديما؟ بحجة أن المعلول لا يتأخر عن علته.
يقال هنا: إرادة الله تعالى منفصلة عن تحقق المراد، رغم كونها علة، وأيضا: كونها علة، لا ينفي وجود علة أخرى، فالخلق الذي يفعله الله تعالى هو نفسه علة مستقلة، ومعلوم أن المراد لا يمكن وجوده إلا من طريق الخلق، فمرادات الله تعالى المتعلقة بمخلوقاته تتحقق في المخلوقات في آخر المطاف، ولا بد في ذلك من العبور عبر فعل الخلق، ولا يضرنا أن الكيف مجهول.
وبناء على ذلك، علة الإرادة قديمة (أي العلة التي هي الإرادة)، وعلة الخلق حادثة، وهذه الأخيرة هي التي تحيّن المراد وتحقق وجوده في وقت معين.
هذا وينبغي التمييز بين نوعين من الإرادة: إرادة كلية، مثل إرادة الله تعالى أن يحق الحق بكلماته، وإرادة جزئية مثل إقامة الساعة وإنزال القرآن وإرسال محمد صلى الله عليه وسلم...الخ. وبهذا التفصيل يمكننا القول إن الإرادة الكلية أزلية، والإرادة الجزئية هي أزلية كذلك، لكن لما هي مرتبطة بأجزاء الزمان وما يحدث فيه، صار لهاارتباط بمعنى الحدوث من هذا الوجه. ثم معنى أن الأمر مراد، أي مراد وقوعه في وقته، ولا يوجد شيء مراد مطلقا، أي دون تقيد هذه الإرادة بمحددات أخرى مثل زمان وقوع المراد. والله تعالى أعلم.
فإن صح ذلك فلا يلزم من قدم الإرادة قدم المراد.